ناقش مجلس الوزراء خلال جلسته الأسبوعية اليوم برئاسة المهندس حسين عرنوس بشكل مستفيض وموسع، ملف إعادة هيكلة الدعم في سياق السعي لإيصاله إلى مستحقيه بكلِّ كفاءة وعدالة وشفافية، والتوجهات الحكومية لتحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي يتم إيداعه في الحسابات المصرفية لحاملي بطاقات الدعم بشكل شهري، بهدف إرساء سياسة دعم تلبي متطلبات المواطنين وتخفف الهدر والخلل المصاحب للحلقات التسويقية، وذلك وفق برنامج زمني مدروس ومخطط.
وجرى خلال الجلسة التأكيد على أن الموضوع المطروح على طاولة الحكومة هو موضوع حكومي شامل ولا يرتبط فقط بموضوع الدعم، بل يقسم إلى ثلاثة مكونات رئيسية تشمل مكوّن تعديل صيغة الدعم من عيني إلى نقدي وهذا ما يبدو في جوهره موضوعاً تنظيمياً وفنياً لإدارة هيكلة الدعم بشكل بسيط، حيث يستند هذا التوجه إلى:
-بقاء الدعم للمادة المدعومة، وهذا يعني بشكل واضح أنه ليس هناك أي طرح لرفع الدعم عن المواد المدعومة وفق هذا التوجه.
-وصول قيمة هذا الدعم إلى الحساب المصرفي للمواطن المستحق، لاستخدامه بشكل مباشر لشراء المادة المدعومة.
وبيّن المجلس أن المكّون الثاني خاص بتعزيز بنية الدفع الإلكتروني والشمول المالي من منطلق تعزيز تركيز كتلة الأموال التي تجد طريقها بشكل ممنهج إلى المنظومة المصرفية، وتعزيز ثقافة التعامل مع المؤسسات المصرفية أُسوةً بالتوجهات العالمية والإقليمية، بما ينطوي عليه ذلك من تسهيل وتبسيط حلقة الاستهلاك.
وتمت الإشارة خلال الجلسة إلى تحديث المنظومة المصرفية الوطنية، فمنذ سنوات قليلة سابقة لم يكن بإمكان البنية المصرفية، ولا سيما العامة منها، استقبال مئات آلاف طلبات فتح الحسابات المصرفية، وبعد أن قامت الحكومة باستثمار مئات مليارات الليرات السورية لتأهيل وتطوير البنية المصرفية العامة، نجحت المصارف العاملة في الوصول إلى مرحلة القدرة على استيعاب طلبات فتح مئات آلاف وملايين الحسابات المصرفية في السياق الطبيعي لتطور الاقتصاد الوطني، وهذا ما يعكس قوة وكفاءة المنظومة المصرفية وقدرتها على تجاوز الكثير من الصعوبات والعقبات، ويعزز من القدرة على إدارة الإنفاق العام والمالية العامة بمزيد من الكفاءة والعدالة وتجاوز الكثير من حلقات الهدر والفساد.
أما المكّون الثالث لملف إعادة هيكلة الدعم، فأوضح المجلس أنه يتمثل بتعزيز برامج ومشاريع الحكومة الالكترونية، وبنية الدفع الالكتروني والتحول الرقمي، فرغم القيود والصعوبات والعقبات والعقوبات المفروضة على سورية، استطاعت الحكومة أن تخلق الظروف الملائمة لتوفير البنية التحتية من اتصالات ومعلوماتية ضرورية لتخديم عملية التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، وإضافة إلى أهمية البعد المادي لبنية الاتصالات والمعلوماتية الضرورية لإنجاح هذه السياسة الحكومية، فإن هناك بعداً نوعياً جوهرياً لهذا المكون يتمثل بقدرة الحكومة على امتلاك متطلبات الحداثة وعصرنة الإجراءات الحكومية لمواكبة سبل تقديم الخدمات وفق ما يجري إقليمياً ودولياً.
وبيّن المجلس أن الحكومة أخذت على عاتقها مسؤولية إعادة هيكلة الدعم بشكل تدريجي وفق مسار زمني مدروس ومخطط يراعي الإمكانات المتوفرة، ويراعي كذلك الصعوبات والعقبات التي تواجه الجهات العامة في سياق قيامها بأدوارها المطلوبة، مشيراً إلى أن الحكومة تنتظر بكل أمل وثقة تعاون الاخوة المواطنين مع التوجهات الحكومية التي غايتها في نهاية المطاف خدمة المواطنين ولا شيء آخر.
وأعرب المجلس عن ترحيب الحكومة السورية بكافة مؤسساتها بجميع الآراء الهادفة إلى تسليط الضوء على أي جانب من جوانب هذا المشروع الحكومي، وتصغي بكل احترام وتقدير لكافة الأصوات الوطنية المشاركة في مناقشة هذا الموضوع والترحيب باستقبال كافة الآراء والنقاشات لدى كافة الوزارات ذات الصلة.
وختم مجلس الوزراء جلسته الأسبوعية: “إذ تؤكد الحكومة على مضيها قدماً في تنفيذ هذا المشروع الحكومي والوطني الهام على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية، فإنها لا تجد نفسها أبداً على عجلة من أمرها في اتخاذ الخطوات التنفيذية لهذا المشروع، وستتم المتابعة بكل هدوء ودقة ومراجعة ولن يتم اتخاذ الخطوات والقرارات التنفيذية قبل التأكد من سلامتها وكفاءتها وعدالتها”.
وكان المجلس استعرض عمل اللجان الفنية في الوزارات والجهات المعنية وإجراءات تجهيز البنى التحتية اللازمة لآلية تقديم الدعم نقداً للمواطنين، حيث وجه المهندس عرنوس الجهات المعنية التنسيق المستمر لإنجاز منظومة إيصال الدعم نقداً على أن تكون جاهزة قبل نهاية العام الحالي، وطلب من اللجنة الاقتصادية تقديم مذكرة شهرية عن مدى تقدم الأعمال والتزام كل وزارة بالبرنامج الزمني للتنفيذ بما يضمن الخروج بصيغة متطورة ومتكاملة.
وجدد رئيس مجلس الوزراء التأكيد على أن الدولة السورية لن تتخلى عن سياسة الدعم في قطاعات التربية والتعليم والصحة والسلع الأساسية وخاصة الخبز ومازوت التدفئة والغاز والمازوت الزراعي، موضحاً أن التوجهات الجديدة لإيصال الدعم لمستحقيه نقداً تهدف لضبط أي حالات خلل أو فساد.
كما تم التأكيد خلال الجلسة على تقديم كل التسهيلات في المصارف العاملة العامة والخاصة لفتح حسابات مصرفية لحاملي بطاقة الدعم ممن لا يملكون حسابات مصرفية.
في سياق آخر، ناقش المجلس عدداً من المشروعات الحيوية، ووافق على مشروعات خدمية وتنموية في عدد من المحافظات، وأكد على الإسراع بتسديد ثمن محصول القمح للفلاحين دون أي تأخير.