الثورة – متابعة رولا عيسى وميساء الجردي ولينا شلهوب:
تحت عنوان “المجالس المحلية بين الواقع والمأمول والطموحات والسبل اللازمة للارتقاء بذلك” أقامت محافظة ريف دمشق اللقاء الحواري الأول حول المجالس المحلية بحضور وزيري الإدارة المحلية والبيئة المهندس حسين مخلوف، والإعلام الدكتور بطرس الحلاق، ومحافظ ريف دمشق صفوان أبو سعدى، وذلك في مجمع صحارى بمشاركة ممثلين عن المنظمات والاتحادات والجامعات والنقابات المهنية وغرف الزراعة والصناعة والتجارة والسياحة والجمعيات والفعاليات الدينية والمجتمع المحلي وأعضاء مجلس الشعب وعدد من الزملاء في المؤسسات الإعلامية.
وفي بداية اللقاء الحواري أكد وزير الادارة المحلية والبيئة المهندس حسين مخلوف أنه تم اختيار محافظة ريف دمشق كبداية لعقد اللقاء الحواري على أن يقام في باقي المحافظات تباعاً بمشاركة كل الشرائح الاجتماعية والمؤسسات الرسمية والأهلية وبحضور وسائل الإعلام، وذلك بهدف مناقشة القضايا التي تخص عمل المجالس المحلية، ووضع أفكار ومقترحات ومخرجات تشكل محط احترام واهتمام لمناقشتها ودراسة امكانية تطبيقها بما في ذلك إدخال تعديلات على التشريعات اذا تطلبت الضرورة الى ذلك، بغية تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في الوحدة الادارية.
وأضاف إن الاعلام هو الجزء الأهم في هذه المعادلة وله الدور الأهم في موضوع الرقابة ومواكبة عمل الوحدات الادارية بالإضاءة على الانجازات التي تتحقق، وكذلك الاشارة إلى السلبيات والتقصير والخلل من أجل المعالجة وتدارك تكرار مثل هذه الحالات في المستقبل.
بدوره وزير الاعلام الدكتور بطرس الحلاق أشار إلى دور الاعلام، وأن مهمته لا تقتصر على نقل المعلومة أو الاضاءة على الايجابيات والسلبيات فقط، وإنما يجب عليه أن يكون مشاركاً بفعالية في النقاش، وأن يكون محرضاً لتوليد الأفكار، وعامل مؤثر ومساعد في صناعة القرار، مضيفاً إن قانون الادارة المحلية اعطى للإعلام دور الرقابة وهذا الدور يجب القيام به بشفافية وبمهنية عالية.
من جانبه محافظ ريف دمشق المحامي صفوان أبو سعدى أكد أن هناك آمالاً كبيرة معلقة على نتائج هذا اللقاء الحواري، الذي وجهت الحكومة بإقامته للوقوف على واقع المجالس المحلية من خلال نقاش وحوار مفتوح مع مختلف شرائح المجتمع وإشراكهم بصورة مباشرة في عملية تقييم عمل هذه المجالس، وصولاً إلى تلقي الاقتراحات والتوصيات اللازمة لتمكين عملها من خلال دراسة المخرجات النهائية لهذا اللقاء.
كما تطرق إلى الأعمال والانجازات التي تحققها غالبية مجالس الوحدات الادارية رغم ضعف الامكانات والصعوبات التي ترافق العمل، مشيراً إلى أن جميع ما يتحقق في المجالات العمرانية والصناعية وغيرها هو ثمرة جهود المجالس، كما أن هناك الكثير من القامات الوطنية التي مرت عبر هذه المجالس المحلية والتي أثبتت أن تجربة الادارة المحلية هي تجربة رائدة.
ولفت إلى الصلاحيات والحقوق، مؤكداً على ضرورة التوازن فيما بين أركان هذه المعادلة في العمل البلدي، منوهاً بأن المشرّع أعطى للمجلس المحلي صلاحيات واسعة في جميع المجالات وفق القانونين ١٠٧ و ٨ وغيرها من التشريعات الاخرى، مؤكداً أن هناك دائماً تحديث لهذه التشريعات ولجميع القرارات لضمان تحقيق التمكين الأفضل للعمل البلدي، مشدداً على أن هذا اللقاء الحواري يأتي في سياق الجهود الحكومية لرفع كفاءة وأداء المجالس المحلية إلى أقصى درجة ممكنة، وتعزيز حالة التعاون والتشاركية مع المجتمع المحلي ووسائل الإعلام وفق نموذج تشاركي لتحقيق التنمية المنشودة.
ويأتي اللقاء الحواري في محافظة ريف دمشق في إطار إعداد مخرجات وتوصيات تسهم في رفع كفاءة و أداء المجالس المحلية وتمكينها.
بدوره رئيس مجلس محافظة ريف دمشق الدكتور ابراهيم جمعة بين أن هناك سلسلة من اللقاءات التي تنظمها محافظة ريف دمشق بما يخص المجالس المحلية، وهذا هو اللقاء الحواري الأول حيث ناقش عدداً من المحاور حول المشاركة والمسؤولية المجتمعية، من حيث مدى مشاركة الفئات المختلفة من شرائح المجتمع المحلي في عمل الوحدات الإدارية ومجالسها، وأشكال تلك المشاركة، إضافة إلى التوجهات المتبعة لتحقيق الشفافية في نشر المعلومة وأشكال توسيعها، مع الوقوف على واقع المجالس وعملها.
وناقش المشاركون في اللقاء محور الصلاحيات الممنوحة للوحدات الإدارية ومجالسها المحلية , وهل توفّر إمكانية تأمين متطلبات وتطلعات الوحدات الإدارية ومجتمعاتها المحلية نحو التطوير والتنمية المستدامة والموازنة بينها، كذلك العمل على تفنيد أشكال تطوير وتوسيع تلك الصلاحيات بما يحقق خدمة المجتمع المحلي، وتطوير وتمكين الوحدة الإدارية ومجلسها المحلي، مع العمل على ضرورة نقل الاختصاصات لضمان تطبيق وتنفيذ المشاريع بما ينعكس إيجاباً على المواطنين والمجتمع المحلي بشكل عام .
وتناول محور التمكين والاستقلالية أوجه عدة من حيث مدى الاستقلال المالي والإداري، وأشكال تمكين الوحدة الإدارية ومجالسها، وزيادة عائداتها، مع استعراض القانون المالي، ومصادر التمويل، والاستثمارات المحلية، و المشاريع التنموية، إذ كان سابقاً دور الوحدة الإدارية خدمي، أتى قانون الإدارة المحلية ١٠٧ واعطاها دوراً تنموياً، ناهيك عن مناقشة موضوع التشاركية، إذ تم التأكيد على تعزيز التشاركية بين المجتمع المحلي والمجالس المحلية من خلال التأكيد على ما ورد بقانون الإدارة المحلية بما يتعلق بضرورة قيام المجالس المحلية بإجراء اللقاءات الحوارية مع المواطنين لشرح كل القرارات والخطط والبرامج، وأيضاً من خلال إعطاء الدور لوسائل الاعلام بالإشراف و الرقابة على أداء عمل المجالس، علاوة على ذلك أكد على اعتماد الدور ذاته من قبل المنظمات والاتحادات والنقابات…
واستحوذ موضوع المخططات التنظيمية على حيز كبير من النقاش من حيث واقع المخططات التنظيمية بين الواقع والمأمول، مع ضرورة العمل على الحفاظ على الهوية البصرية، وما هي التعديلات في المخططات التنظيمية، مناطق السكن العشوائي، ومخالفات البناء، والاهتمام بالمخططات التنظيمية التي تحقق مصلحة المواطنين، فضلاً عن ضرورة التقيد باستقرار المخططات التنظيمية وبشكل خاص عدم المساس بتغيير الصفات التنظيمية للحدائق والمدارس بما يضمن حقوق الأجيال القادمة، وعدم السماح بإضافة الأقبية أو الطوابق الإضافية في الأبنية القديمة للحفاظ على السلامة العامة للمواطنين.
وتطرق المجتمعون إلى محور الرقابة ودور المجتمع المحلي، بالإضافة إلى دور الإعلام في الرقابة والتحسين والتطوير ومنعكساته على عمل الوحدات الإدارية ومجالسها، وهل يؤدي ذلك الدور بموضوعية، ودور الرقابة الشعبية ( الرسمية).
واختتمت محاور اللقاء الحواري بكيفية الحفاظ على الموارد الطبيعية والمناطق الخضراء، والزراعية، والحراجية، وأشكال تنظيم الأنشطة المختلفة بما يحقق التنمية المستدامة.
واعتبر الدكتور جمعة أن هذه اللقاءات تضيء على جوهر عمل المجالس المحلية من خلال التأكيد على بعض المحاور الأساسية من ضمنها تعزيز صلاحيات المجالس المحلية عبر تعديل بعض النصوص، و إعطاء مزيداً من الصلاحيات المالية من خلال تطبيق بعض البنود في قانون الإدارة المحلية التي ربما تعالج بعض السلبيات التي تعيق قيام المجالس المحلية بعملها على سبيل المثال نقص الكوادر أو ضعفها… بالإضافة إلى إعداد دورات تأهيل وتدريب، وتفعيل دور الرقابة الشعبية والرسمية
كما أوضح مدير عام هيئة الاستثمار مدين دياب في مداخلته أن التشريع قاعدة للتطوير وخلق مشاريع على أرض الواقع مشيرا إلى أن قانون الإدارة المحلية ولد في ظروف صعبة، وجاء القانون ١٠٧ ليضيف إلى الوحدة الإدارية الدور التنموي بعد أن كان يقتصر على الدور الإداري، و هذا يستلزم العمل لايجاد وحدات إدارية كفوءة قادرة على التنفيذ والرقابـة والإشراف.
ولفت إلى أن نواحي عدة ضمن القانون ١٠٧ لم يتم تفعيلها على أرض الواقع ،ولكن لجان التنمية المحلية أحدثت بيئة مؤسساتية عبر مكاتب الإدارة المحلية و كانت ناجحة في تنفيذ مشاريع رائدة وتبدو الحاجة ملحة لتمكين الوحدات الإدارية ليكون لديها خطة محلية تسهم في خلق موارد إضافية .
وأشار إلى الحاجة لآليات تنفيذية لما جاء في القانون 107 فإحدى بنوده إحداث مصرف تنموي ضمن الوحدة الادارية وكذلك تفعيل الدور التنموي من خلال إقامة المشاريع التنموية وتأمين الخدمات وهذا بدوره يحتاج بنية تنموية ونظام مؤسساتي مرن يراعي خصوصية كل وحدة إدارية فلايمكن تطبيق نفس المعايير على كل البلديات وما يعزز ذلك الاستغلال الأمثل للموارد البشرية والمادية وفي ظل محدودية الموارد الأمر يستوجب إيجاد كفاءات قادرة على الاستثمار الأمثل في الموارد المتاحة وضمن الامكانيات .
وأشار إلى ضرورة البحث عن موارد استثمارية تورد الأموال للوحدة الادارية والابتعاد عن الجباية كأحد أوجه انفاق الموازنة وتعزيز العمل على التشاركية مع المجتمع المحلي بما يخلق مشاريع استثمارية تعود بالفائدة على الجميع.
بدوره تحدث حمدي مرزوق عضو مجلس محافظة ريف دمشق عن المشكلات الخدمية في الغوطة الشرقية وهي المناطق التي طالها الارهاب وأدى إلى تخريب البنية التحتية فيها وهذا يعني حاجة المنطقة للكثير من العمل وخاصة في موضوع تزويدها بالآليات نتيجة النقص الكبير لمختلف أنواع الآليات وعدم القدرة على الإصلاح موضحاً ما قام به المجتمع المحلي من تعاون مع الجهات الحكومية والمحافظة والمجالس المحلية بإعادة بناء المنطقة وخصوصاً كفر بطنا التي تعتبر عروسة الغوطة الشرقية وتضم أكثر من ١٠٠ الف نسمة وقد عادت اليها الحياة بشكل كبير.
وأكد عضو مجلس المحافظة أن هناك عمل يفترض ان يقام ويستكمل بالتعاون مع المجتمع المحلي كما هو حال المبادرات الجيدة التي تم تنفيذها مثل تركيب طاقة بديلة لأربعة أبار مياه من أجل ضخ المياه للمواطنين، وترميم بعض سيارات القمامة، وإنارة الطرقات. مشيرا إلى ضرورة تعديل بعض القوانين المتعلقة بتعيين العمال والانتقال من نظام ثلاثة شهور إلى عقود سنوية إذ أن هناك عزوف من قبل العمال على التعاقد لمدة ثلاثة شهور فقط وبالتالي هي إشكالية بحاجة إلى حل لتأمين الأعداد الكافية من العمال في البلديات.
كما بين عضو مجلس الشعب عبدالرحمن الخطيب أن هذا الحوار فيه تكرار مثله مثل كل الحوارات السابقة طالما لم يتم تطبيق القانون 107 الذي يدعو لنقل الصلاحيات والسلطات ووضعها بين أيدي الإدارات المحلية لكي يقروا مشاريعهم وأولوياتهم وغير ذلك سنبقى ندور في حلقة مفرغة.
وأوضح بأن الأزمة قد تكون سببا في تأخير هذه الصلاحيات ولكن يمكن إصدار مرسوم يعدل هذا المرسوم بحيث يتم نقل الصلاحيات بعد ثلاث سنوات. و طالما أن الوحدة الإدارية تنتظر تعليمات المحافظة لتقوم بعمل ما وتنتظر من جميع المديريات التي تتبع للوزارات الموافقات فإن مجالس الإدارة المحلية ستكون عاجزة عن تقديم خدمات مناسبة.
من جانبه أكد أسامة عز الدين رئيس بلدية مضايا على عدة نقاط تتعلق بتوسيع الصلاحيات للمجالس المحلية سواء كان بلدة او قرية او مدينة ورفع سقف الشراء والصرف على مستوى مجلس بلدية او حتى محافظة، والسماح للبلديات بتعيين عمال نظافة وتعيين موظفين اداريين، واعطاء صلاحيات اكبر وفقا للمرسوم ٤٠ لتنفيذ البنود الموجودة فيه والعمل على اصلاح الاليات لان اغلبها اصبح قديم ومعطل مشيرا إلى ضرورة تحديث المنظور الفني للمجالس خاصة أنهم حتى الآن يطبقون التشريعات التي تعود للسبعينات ونحن في عام ٢٠٢٣ الأمر الذي يفرض وجوب إصدار رؤية ومراسيم تتناسب مع ما بعد الحرب التي حدثت في سورية.
وأوضح رئيس مجلس بلدية مضايا أن هناك اعتماد كبير على المجتمع الاهلي من قبل البلديات في المدن والقرى عليهم، وهو أمر ضروري في ظل نقص الاعتماد والموازنة التي تعتبر قليلة جدا وتعود لقرارات قديمة وبين بأن الضرائب التي تفرض على المحلات التجارية لم تعد كافية كما أن المواطن له احتياجات واولويات يجب تحقيقه له، وعليه فإن رفع الضرائب يفترض ان يكون على المشاريع التنموية والتي فيها كتل مالية كبيرة، وإلا فإن الموضوع سينعكس سلباً على المواطن ويزيد من الأزمة. وبالتالي مطالبة المواطن بالرسوم يكون خجول أمام النقص بالخدمات.