متابعةً لتنفيذ التفاهمات والرؤى التي تم التوصل إليها في لقاء القمة الذي جمع الرئيسين بشار الأسد و فلاديمير بوتين في موسكو في شهر آذار الماضي، اجتمع منصور عزام وزير شؤون رئاسة الجمهورية رئيس اللجنة الحكومية السورية-الروسية المشتركة (عن الجانب السوري) بنائب رئيس الوزراء الروسي أليكسي أوفرشيك في مقر رئاسة مجلس الوزراء بموسكو بحضور الوفدين الرسميين.
ويعكس الاجتماع اهتمام حكومتي البلدين بمتابعة الإجراءات التنفيذية لمتطلبات تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك وفق رؤية قيادتي البلدين، وبما يضمن الاستثمار الأمثل للطاقات والموارد المتوفرة على أسس من التكامل المخطط والمدروس لمواجهة التحديات التي تواجه اقتصادي البلدين في ضوء عدم استقرار الاقتصاد الدولي، وكذلك في ضوء محاولات بعض القوى الغربية زعزعة استقرار اقتصاد البلدين من خلال العقوبات والإجراءات القسرية أحادية الجانب.
وكان العنوان الأبرز للاجتماع هو حرص الجانبين على إنجاح كل مشاريع التعاون القائمة، والرغبة المشتركة بتوسيع آفاق التعاون نحو برامج ومشاريع جديدة، تزامناً مع توقيع الجانبين على اتفاقية توسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين.
واستعرض الوزير عزام ونائب رئيس الوزراء أوفرشك أهم برامج التعاون الاقتصادي المشترك على مستوى التبادل التجاري، وعلى مستوى الاستثمارات المشتركة، حيث تحدث الوزير عزام عن الإمكانات الكبيرة والطاقات الكامنة الواسعة للاقتصاد السوري والتي تشكل مشاريع رابحة وواعدة لكافة الأطراف المشاركة.
من جهته أشار نائب رئيس الوزراء الروسي أوفرشك إلى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين مؤكداً حرص الحكومة الروسية على السعي المشترك لتجاوز الصعوبات والتحديات التي تواجه الاقتصاد السوري.
كما تناول الاجتماع تعزيز البنية المؤسسية لدعم التبادل التجاري بين البلدين من حيث تفعيل صيغة البيت التجاري السوري الروسي، والتأكيد على ضرورة قيام مجلس الأعمال بلعب دور أكثر أهمية في التبادل التجاري بين البلدين وفق صيغ التبادل التي تخدم المرحلة، وضرورة اغتنام فرصة إعادة ترتيب حركة التجارة الدولية لتعزيز التبادل بين سوقي البلدين والأسواق الصديقة.
وسلّم الوزير عزّام، نائب رئيس الوزراء الروسي أوفرشك رسالة خطية موجهة من رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس إلى نظيره ميخائيل ميشوستن رئيس الوزراء الروسي تتناول بعض قضايا التعاون المشترك.
كما تم عقد اجتماع مشترك لرئيسي اللجنة الحكومية السورية الروسية المشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي والفني الوزير منصور عزام وإريك فايزولين وزير المرافق والبنى في روسيا الاتحادية.
وشهد الاجتماع مناقشات غنية حول آلية عمل اللجنة ومحاور التعاون التي تشرف عليها في كافة القطاعات التجارية والمالية والمصرفية والزراعية والصناعية والطاقوية، وكذلك في مجالات التنمية البشرية من صحة وتعليم وتربية وغير ذلك.
وتم التأكيد خلال الاجتماع على أهمية اللقاءات الدورية لرئاسة اللجنة المشتركة حرصاً على التقييم المستمر للعمل، واتخاذ ما يلزم لتجاوز أي عقبات أو صعوبات قد تعترض العمل المشترك، كما تم التوقف عند واقع عمل بعض المشاريع المشتركة، وتقييم مستوى الأداء والمنجزات والصعوبات، وسبل تقديم الدعم الممكن لها لتحقيق أهدافها وفق أحكامها العقدية.
و استعرض الجانبان بعض المشاريع الحيوية التي تم إنجازها ووضعت قيد التنفيذ مع الحرص على اغتنام الدروس المستفادة من المشاريع الرائدة واستثمارها في مواقع تعاون أخرى.
وناقش المجتمعون أيضاً ملف التبادل التجاري بين البلدين مؤكدين الحرص على اتخاذ كافة الخطوات الممكنة لتعزيز مؤشرات الميزان التجاري بين البلدين، على كافة الأصعدة الجمركية والتجارية والمصرفية المالية التي يمكن أن تقدم مزايا تفضيلية، تسهم بتوفير الأرضية المناسبة لتسهيل انسيابية تدفق منتجات كل من البلدين إلى أسواق البلد الآخر، حيث تم استعراض عدد من الإجراءات الممكن اتخاذها لربط موانئ البلدين بهدف تسهيل التبادل التجاري عبر البحر ما يخفض من تكاليف النقل ويفتح الأبواب نحو توسيع قائمة التوريدات المتبادلة.
كما ثمّن الاجتماع المعرفة الراسخة لقطاع الأعمال لدى كل من البلدين بسوق البلد الآخر وضرورة تعزيز ثقافة الاستهلاك المشترك لمنتجات البلدين والتعاطي مع ملف التجارة البينية من منظور استراتيجي طويل الأجل يضمن أكبر قدر ممكن لاندماج سوقي البلدين، من ضمن الرؤية المشتركة لتعزيز اندماج الأسواق الصديقة بشكل عام، وتحت مظلة التكتلات الاقتصادية الصديقة.
وشهد الاجتماع أيضاً توقيع رئيسي اللجنة الحكومية المشتركة، الوزيرين عزام وفايزولين اتفاقية توسيع التعاون الاقتصادي بين البلدين والتي تعتبر من أهم وثائق التعاون الاقتصادي بينهما من أجل إعطاء دفعة قوية للاستثمارات المشتركة ولا سيما في قطاع الطاقة والبنى التحتية من نقل وأشغال عامة، إضافة للمشاريع الاستثمارية المشتركة في القطاعين الزراعي والصناعي. وتؤطر هذه الاتفاقية قوائم المشاريع الاستثمارية المشتركة، والبرمجة الزمنية المناسبة للمباشرة فيها، ودور اللجنة الحكومية المشتركة في وضع آليات تتبع التنفيذ حرصاً على ضمان جدية الشركات المؤهلة للدخول في قطاع الاستثمارات المشتركة.
كما ترافقت الزيارة الوزارية إلى موسكو ببرنامج عمل مكثّف لوزير الصحة الدكتور حسن الغباش، حيث تمّ التوقيع على مذكرة نوايا في القطاع الصحي بين الوزير الغباش من جهة ووزيري الصحة والصناعة والتجارة في روسيا الاتحادية من جهةٍ أخرى.
وتغطي مذكرة النوايا جوانب التعاون في مجال إنتاج الأدوية وتوريدها بين البلدين، إضافة إلى الاستثمار المشترك في مجال الصناعات الدوائية، والحرص على اتخاذ إجراءات تسهيلية في مجال تسجيل الدواء والاعتمادية لدى البلدين، كما تنص المذكرة على التعاون في المجال العلمي وفي مجال التدريب والتأهيل للكوادر الطبية.
وقام وزير الصحة الغباش بعدد من الزيارات والجولات الاطلاعية على عدد من المراكز والمنشآت الصحية والطبية في موسكو بهدف الاستفادة من التجربة الروسية الرائدة في هذا القطاع.
شارك في الاجتماعات المشتركة عن الجانب السوري كل من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل، والأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء الدكتور قيس خضر، ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي الدكتور فادي الخليل، و الدكتور بشار الجعفري سفير الجمهورية العربية السورية في موسكو والدكتورة منى السعيد من رئاسة الجمهورية.